بسم الله الرحمن الرحيم
(( وجعلناكم شعوباً و قبائلَ لِتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم))
تأليف / طائر النار
آيةٌ قرآنيةٌ كريمة بليغة في معانيها عظيمٌ عند الله شأنها تتجسد فيها حكمة الخالق المصمم لهذا النظام الرائع الذي عجز عن تفسير خفاياه العديد من العلماء الذين ادعوا أن الحياة نشأت من دون أن يمسها ذلك الخالق العظيم . إن المغزى من مناقشتي لهذه الآية الكريمة هو توضيح ما توصلت إليه دراستي لهذه الآية الكريمة من ناحية أخرى غير نظرة الدين الإسلامي أي أني درست معنى الآية في (الكتاب المقدس) أي التوراة اليهودية التي وجدت فيها شبهاً من القرآن الكريم.
أني اعترف أن التوراة غير جدير بمقارنته مع القرآن لأنه حُرِفَ من قبل اليهود إلا أني وجدت فيه نقاط تشابهٍ مع القرآن الكريم من حيت القصص التي رويت في الكتابين المقدسين ( القرآن و التوراة) .
لا أود الإطالة في مقدمتي إلا أني أردت أن أوضح شيئاً أساسيا في هذا المقال الصغير المتواضع و هو أني سأذكر الرواية التوراتية التي فسرت هذه الآية بصورةٍ بسيطة و هي أن أبناء نوحٍ (عليه السلام) قد نزلوا أرضا بعد الطوفان فقرروا أن يستقروا فيها فبنوا برجاً شاهقاً و مدينة لكي يجتمعوا فيها الا أن الله تبارك و تعالى قدر للبشرية أن يتفرقوا في الأرض لكي يعمروها و استخلفهم عليها ((إني جاعلٌ في الأرضِ خليفة)) .
وكما ذكرت الرواية أن الله نظر إليهم و بلبل ألسنتهم لكي لا يفهم احدهم الآخر فتفرقوا في الأرض الواسعة كما نراهم الآن, واليك عزيزي القارئ النص التوراتي للقصة.
((وكانت الأرض كلها لساناً واحداً و لغةً واحدةً وحدث في ارتحالهم شرقاً أنهم وجدوا بقعةً في ارضِ شِنعَار َ و سكنوا هناك و قال بعضهم لبعض (( هلم نصنع لبناً و نشويهِ شَياً )) فكان لهم اللِبنُ مكان الحجر و كان لهم الحُمَرُ مكان الطين و قالوا ((هَلُمَ نبن لأنفسنا بُرجاً رأسُهُ بالسماء .ونصنع لأنفسنا أسماً لِئلا نتبدد على وجه كل الأرض )) فَنَزلَ الربُ لينظر المدينة و البرج اللذين كان بنو آدم يبنونهما و قال الرب ((هُوَذا شعبٌ واحدٌ و لِسانٌ واحدٌ لجميعهم و هذا ابتداؤهم بالعمل .و الآن لا يمتنع عليهم كل ما ينوُون أن يعملوه هلمَ ننزل و نُبلبل هُناك ألسنتهم حتى لا يسمع بعضهم لسان بعض )) فبددهم الرب من هناك على وجه كل الأرض .فكفوا عن بُنيان المدينة لِذلك دُعي اسمها (بابل) لأن الرب هناك بلبل لسان كل الأرض و من هناك بددهم الرب على وجه كل الأرض)). ( سِفر التكوين .الأِصحاح الحادي عشر. التوراة المقدسة )
في الواقع ان هذه القصة قد تناقلتها النسخ التوراتية إلا اني اعتقد ان الترجمة من العبرية الى لغات اخرى كان لها دور بارز في تأويل هذا النص إلا أني أجد في الوقت نفسه ترابطاً بينها و بين الآية القرآنية الكريمة من حيث المقصد . فقد ذكرت القصة إن البشر في بادئ الأمر كانوا امةً واحدةً وذلك شيء طبيعي لأن البشرية آنذاك كانت منحدرة من أبٍ واحد وهو نبي الله نوح ( عليه السلام ) و كما هو معروف لدينا أن لنوح ثلاثة أولادٍ و هم (سام _ حام _ يافث) فلكل واحدٍ منهم ذرية استطاعوا من خلال كثرتهم أن يكونوا تلك الجماعة التي استوطنت ارض ( بابل ) كما هو مذكور في القصة و سأذكر الآن لك أسماء ( أحفاد نوح ) .
1- أبناء يافث : وهم جُومَر و مَاجُوج و ماداي وياوان و توبال و ماشيك و تيراس ولهؤلاء أبناء أيضاً.
2- أبناء حام : كُوش و مصرايم و فوط و كنعان ولهم أبناء أيضاً.
3- أبناء سام : عيلام و أشور و ارفكشاد و لُود و أرام و لكل منهم ذرية أيضا.
و هؤلاء اتجهوا شرقاً بعد الطوفان إلى أن وصلوا بابل.
أردت من خلال ذكر القصة أن اثبت لنفسي أمرين .الأمر الأول هو أظهار معنى الآية الكريمة . أما الأمر الثاني هو أن جميع الأديان مرتبطة بأصلٍ واحدٍ و لا يفرقها عن بعضها أي شيء ).
احمد الله على حفظه وتكريمه لكتابه العزيز ( القرآن الكريم ) الذي نزهه من الاخطاء و ماشابه ذلك . و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على خير المرسلين محمد و اله الطيبين الطاهرين.
مع تحياتي / طائر النار