تقرير.....
لأخبار المتواترة تؤكد أن المتعة السياحية باتت سلوكاً مألوفاً في الوسط الرجالي حتى صار الكثير من الرجال يُفاخرون بعلاقاتهم السريعة في هذا البلد أو ذلك. وصرنا أمام واقع يفرض علينا التعاطي معه بما يجنبنا تبعات ذلك السلوك والتقليل قدر الاستطاعة من سلبياته.
وحتى أضع القارئ في صورة ما عنيته؛ أذكر له بعض التفاصيل التي يتحدث عنها أولئك الرجال بخصوص المتعة السياحية وتعريفهم لها.
المتعة السياحية: هي تلك العلاقة الجنسية الطابع التي يطلبها أحدهم مع بائعة هوى ضمن عقد شرعي سريع.
ومن هذا التعريف يمكن تحديد أركان هذه العلاقة بأنها: رجل مسلم، وبائعة هوى غالباً، وعقد شرعي، وتواصل جنسي نظير مبلغ مالي.
سألت نفسي أسئلة عدة من قبيل: ما أثر ذلك على نسائنا اللائي يعود لهن أزواجهن بعد كل سفرة؛ وهنّ النصف الآخر في المجتمع على المستوى النفسي والاجتماعي والصحي والاقتصادي.؟! وأين موقع نسائنا من هذا السلوك الرجالي والذي يطالهن بشكل أو آخر؟
هل يحق لنا أخذ الأمر بجدية أكبر وخاصة في الجانب الصحي بأن نـنصح نسائنا باتخاذ بعض الاحتياطيات اللازمة في معاشرتهن لأزواجهن حفاظاً على صحتهن وأبنائهن أم نطمئن ونكتفي بالاحتياطيات التي يُفترض أن الزوج اتخذها في علاقاته السريعة تلك.
أين موقع الزوجة من قلب الزوج وتفكيره وهو ينتقل من حضن لآخر؟! ألا يؤثر ذلك على تركيزه الأسري وبالتالي ينسحب على أسرته وانسجامها.
وفي الجانب الاقتصادي؛ ونتيجة لاعتماد الأسرة على دخل ربّها «الرجل»؛ فإننا نقع أمام هاجس حقيقي يحتاج تجلية ابتداءً؛ تمهيداً للحد من آثاره السلبية لاحقاً، إذ يُجمع الرجال أنفسهم أن هكذا سلوك يستحوذ على قسم معتبر من مدخراتهم؛ بل يصل أحياناً على كل مدخراتهم؛ وقد يصل إلى استدراج الرجال لطائلة المديونية؛ وبالتالي يؤثر ذلك على رفاهية الأسرة ويحرمها من تلبية حاجاتها الحالية الملحة؛ وكذا حاجاتها المستقبلية والتي يفترض أن تُـلبى عن طريق الفائض من مدخرات رب الأسرة والتي يمكن أن تأتي عليها هكذا اهتمامات مكلفة.
الأكيد أن ألفة هكذا سلوك من الجانب الرجالي يُلقي بضلاله على حاضر الأسرة ومستقبلها على كل الأصعدة؛ وهو ما يحتاج منا تشخيصه والحد من آثاره الجانبية السلبية قدر الاستطاعة؛ ومن ذلك خلق قناعات جديدة تأخذ بيد رب الأسرة للتركيز على مسؤولياته المباشرة وتقديم الأهم على المهم؛ فضلاً عن تقديمه على البهارج والكماليات الزائفة. وكذا توعية نسائنا لدورهن في الحد من انتشار هذه الظاهرة؛ ومسؤوليتهن في حماية أنفسهن وأطفالهن من تبعاتها.
هذه نقاط وتساؤلات أضعها بين يدي القارئ على أمل أن تجد نصيبها الذي تستحقه من اهتمامه؛ ولينقلها لجلسائه مشفوعة بتعليقاته عليها بحسب اجتهاده ومتابعاته الشخصية.
الملاحظ أن مرتادي هذا النوع من السلوك باتوا يهربون للأمام من أي لوم وعتب؛ وذلك بأن صاروا يستخدمون لغة الهجوم في الرد على أي عتب يطالهم، إذا بلغ الأمر عند البعض منهم حد اعتبار هكذا سلوك وانتشاره والدعوة له إحياء لسنة وترسيخاً لتشريع.
يعلّق أحدهم أنه يريد بمجاهرته تلك خلق قناعة متجاوبة مع هكذا تشريع إسلامي في المجتمع، وأن هناك حاجة لذلك بعد أن انتشرت ثقافة عرفية في الوسط الاجتماعي كلها امتعاض وسلبية من هذا السلوك الشرعي؛ وهو ما يتطلب منه وغيره من أرباب المتعة السياحية الإفصاح عنها والقيام بدور الترغيب فيها؛ لما في ذلك من إحياء لهذا التشريع كرد عملي على تلك النظرة الدونية لهذا التشريع. ويستحضر لمستمعيه فتاوى لا ترى حرجاً في التمتع بذوات العَلَم «المومسات» وأن الأمر لا يعدو أن يكون مكروهاً فقط؛ وكل مكروه مباح!
الأكيد أن هكذا قناعة وتعميمها باتت مبرراً للبعض لارتياد أماكن اللهو والفجور والعياذ بالله. وهو إشكال يقفز عليه مروجو المتعة السياحية؛ ولا شك في حرمته لما فيه من دعم وتشجيع لهكذا أماكن مبتذلة! فضلاً عن حرمة ذلك شرعاً لما فيه من اطلاع على مفاتن لا تحل للمسلم؛ وكذا الجلوس في أماكن تستخدم فيها أدوات محرمة كالموسيقى المطربة والمشروبات الكحولية المعروفة. وأن طريق المتعة السياحية لا يخلو من الوقوع في مخالفات شرعية واضحة سواء لهذا السبب أو ذلك. وكذا يغيب عن أولئك حقيقة أن الاختلاط بوسط فاسق مدعاة لقتل الغيرة عند أفراد المجتمع؛ وهو ما ينعكس على سلوكهم العام على المستوى الديني والأخلاقي والقيمي، وهو ما يُفسر الموقف الشرعي المتحفظ على هذا السلوك حين نعته بالمكروه! وإلا لو كان مباحاً على إطلاقه؛ لما احتاج المشرع الإسلامي نعته بنعت مستقل خاص به. والشارع المقدس حين يُشخّص عملاً بأنه مكروه إنما يريد بذلك دعوتنا لعدم الانغماس فيه والتعود عليه، لأن استمرائه يعرض المسلم لتبعاته؛ والتي في بعضها مضرة به على المستوى الخلقي والاجتماعي والصحي والمروءة العامة وغير ذلك.
الخلاصة:
لا يمكن فصل هذا السلوك عن تبعاته؛ والتي تأخذ المسلم معها لارتكاب محرمات واضحة تؤثر على مروءته وأخلاقه والتزامه العام؛ وهو ما ينعكس على المجتمع الذي يعيش فيه؛ فضلاً عن التبعات المادية المعروفة على الجانبين الاقتصادي والصحي وغيرها.