حسين بن علي هو الحسين بن علي بن محمد بن عبد المعين بن عون ، من أحفاد أبي نمي ابن بركات الحسنيُّ الهاشمي : أول من نادى من الحجاز باستقلال العرب عن الدولة العثمانية، وآخر من حكم مكة من الأشراف الهاشميين. ولد في الآستانة سنة 1270هـ ـ 1854م، وكان أبوه منفياً بها. وانتقل معه إلى مكة، وعمره ثلاث سنوات. قاد الثورة العربية الكبرى عام 1916.
تعليمه ونشأته
فتأدب و تفقه ونظم الشعر الملحون، ومارس ركوب الخيل وصيد الضواري. وأحبه عمه الشريف عبد الله باشا، أمير مكة، فوجهه في المهمات، فدخل نجداً، وأحكم صلته بالقبائل. ومات أبوه وعمه، وآلت إمارة مكة إلى عمه الثاني عون الرفيق، فلم يتحمل عمه هذا تدخله في شئون الإمارة، وكانت تابعة للدولة العثمانية ، فطلب إبعاده من الحجاز، فنفي إلى الآستانة سنة 1309هـ، وجعل من أعضاء مجلس شورى الدولة، وأقام إلى أن توفي عون الرفيق ، ثم عمه الثالث الشريف عبد الإله، فعين أميراً لمكة سنة 1326 هـ، فعاد إليها وقاد حملة إلى بلاد عسير، نجدة للعثمانيين ، فقاتل صاحبها يومئذ الإدريسي.
تطورات في ولائه وحروبه
ونشبت الحرب العالمية الأولى سنة 1332هـ ـ 1914 م، ونمت روح النقمة على العثمانيين في بلاد الشام و العراق و الحجاز ، و انتهز البريطانيون الفرصة، وهم في حرب مع دولة آل عثمان والألمان، فاتصلوا بالشريف حسين من مصر، ووعدوه و مَنَّوه بملك عريض وهو آسيا العربية كاملة إن هو عاونهم وثار على العثمانيين (من خلال ما عرف بمراسلات حسين مكماهون)، فأعلن الثورة العربية الكبرى، وأطلق رصاصته الأولى بمكة في 9 شعبان 1334هـ ـ 1916م ،وحاصر من كان في بلاد الحجاز من العثمانيين ، وأمده حلفاءه الإنجليز بالمال والسلاح، ونُعِت َ بالملك المنقذ، ووجه ابنه فيصلاً على رأس جيش كبير إلى سورية فدخلها مع الجيش البريطاني.
حروبه مع آل سعود
و بانتهاء الحرب سنة 1918م تم استيلاء الحسين على الحجاز كله . و أرسل ابنه الثاني عبد الله بجيش كبير لإخضاع واحتي تَرَبَة و الخُرمة في شرقي الطائف ، وكانتا مواليتين لابن سعود ، الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن ، زعيم نجد في ذلك الحين ، فعسكر بينهما . وباغته بعض رجال الواحتين يقودهم بعض الموالين لابن سعود سنة 1337هـ ـ 1919م ، فانهزم عبد الله بن الشريف حسين وفر بفلول قليلة من عساكره .
حروبه في الشام
وأضاع الحسين في هذه الحملة أكبر قوة جمعها. و أخرج الفرنسيين ابنه فيصلاً من سورية بعد معركة ميسلون سنة 1920م واحتلوها ، فاستنجد بعض زعمائها بالحسين ، فوجه عبد الله ليثأر لأخيه، أو ليجمع على حدود سورية قوة تكون نواة لجيش يقلق المحتل. واقترب منها عبد الله و نزل ببلدة عمَّان ودعاه الإنجليز إلى القدس فاتفقوا معه على أن تكون له إمارة شرقي الأردن، فأقام بعمَّان، وتناسى ما جاء من أجله. واستفحلت ثورة العراق على الإنجليز، فساعدوا فيصلاً على تولي العرش ببغداد، فتولاه. وأصبح للحسين وهو بالحجاز جناحان قويان: فيصل في شمال الجزيرة العربية وعبد الله في شمالها الغربي. وبادره ابن سعود راغباً في مصافاته، لكن ذلك لم يحدث.
وزار عمَّان سنة 1924م فبايعه أناس بالخلافة وعاد إلى مكة ملقباً بأمير المؤمنين.
نفيه
واشتد التوتر بينه وبين ابن سعود، فأقبلت جموع من نجد وتَرَبَة و الخُرمة إلى مدينة الطائف ، ومزقوا جيش الحسين المرابط فيها ، و احتلتها . و سرى الذعر إلى مكة، فاتصل بالقنصل البريطاني في جدة فأجابه هذا بأن حكومته قررت الحياد. واجتمع بجدة بعض ذوي الرأي من أهلها ونصحوا الحسين بالتخلي عن العرش لأكبر أبنائه علي ففعل.
وانتقل من مكة إلى جدة سنة 1343هـ ـ 1924م ، فركب البحر إلى العقبة ، آخر حدود الحجاز في الشمال ، وكانت ولاية ابنه عبد الله. وأقام عدة أشهر. ثم أخبره ابنه بأن البريطانيين يرون أن بقاءه فيها (العقبة) قد يحمل ابن سعود على مهاجمتها. و تلقى إنذاراً بريطانياً بوجوب رحيله عنها. ووصلت إلى مينائها مدرَّعة بريطانية، ركبها} وهو ساخط{ إلى جزيرة قبرص سنة 1925م ، وأقام فيها ست سنين، ثم إنه مرض فأذن له الإنجليز بالعودة إلى عمَّان. وجاءه ولداه فيصل و عبد الله ، فصحباه إليها.
وفاته
مكث معتلاً ستة أشهر وأياماً ، ووافته المنية سنة 1350هـ ـ 1931م ، فحمل إلى القدس و دفن فيها.