علي بن أبي طالب
عليه السلام
من أحب عليا فقد أحبني ، ومن أحبني فقد أحب الله ومن"
" أبغض عليا فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله
حديث شريف
هو ابـن عم النبي -صلى الله عليه واله و سلم- ، ولد قبل البعثة النبوية بعشـر سنين
وأقام في بيت النبوة فكان أول من أجاب إلى الإسلام من الصبيان ، هو أحد العشرة
المبشرين بالجنة ، وزوجته فاطمة الزهراء ابنة النبي -صلى الله عليه واله وسلم.
ووالد الحسن والحسين سيدي شباب الجنة.
الرسول يضمه إليه
كان أول ذكر من الناس آمن برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصدق بما جاءه من الله تعالى : علي بن أبي طالب رضوان الله وسلامه عليه ، وهو يومئذ ابن عشر سنين ، فقد أصابت قريشاً أزمة شديدة ، وكان أبو طالب ذا عيال كثير فقال الرسول الكريم للعباس عمه : يا عباس ، إن أخاك أبا طالب كثير العيال ، وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمـة ، فانطلق بنا إليه فلنخفـف عنه من عياله ، آخذ من بنيـه رجلا وتأخذ أنت رجلا فنكفهما عنه ) فقال العباس
نعم ) فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقالا له
إنا نريد أن نخفف من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه ) فقال لهما أبو طالب
إذا تركتما لي عقيلاً فاصنعا ما شئتما ) فأخذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- علياً فضمه إليه ، وأخذ العباس جعفراً فضمه إليه ، فلم يزل علي مع رسول الله حتى بعثه الله تبارك وتعالى نبياً ، فاتبعه علي –عليه السلام- وآمن به وصدقه ، وكان الرسول -صلى الله عليه واله وسلم- إذا حضرت الصلاة خرج إلى شعاب مكة ، وخرج علي معه متخفياً من أبيه وسائر قومه ، فيصليان الصلوات معا ، فإذا أمسيا رجعا.
منزلته من الرسول
لمّا آخى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بين أصحابه قال لعلي
أنت أخي ) وكان يكتب لرسول الله -صلى الله عليه واله وسلم - ، وشهد الغزوات كلها ما عدا غزوة تبوك حيث استخلفه الرسول -صلى الله عليه و اله وسلم- في أهله وقال له
أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى )
وكان مثالا في الشجاعة و الفروسية ما بارز أحد إلا صرعه ، وكان زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة قال فيه النبي -صلى الله عليه واله وسلم-
من أحب عليا فقد أحبني ، ومن أحبني فقد أحب الله ومن أبغض عليا فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله )
دعاه الرسول -صلى الله عليه واله و سلم- وزوجته فاطمة وابنيه ( الحسن والحسين ) وجلَّلهم بكساء وقال
اللهم هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهِّرْهُم تطهيراً ) وذلك عندما نزلت الآية الكريمة
قال تعالى
إنّما يُريدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عنكم الرِّجسَ أهلَ البيت )
كما قال -عليه أفضل الصلاة والسلام-
اشتاقت الجنّةِ إلى ثلاثة : إلى علي ، وعمّار وبلال )
ليلة الهجرة
في ليلة الهجرة ، اجتمع رأي المشركين في دار الندوة على أن يقتلوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- في فراشه ، فأتى جبريل -عليه السلام- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال
لا تبيت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه ) فلما كانت عتمة من الليل اجتمع المشركون على بابه يرصدونه متى ينام فيثبون عليه ، فلما رأى رسول الله مكانهم قال لعلي
نم على فراشي ، وتَسَجَّ ببردي هذا الحضرمي الأخضر فنم فيه ، فإنه لن يَخْلُصَ إليك شيء تكرهه منهم ) ونام علي -عليه السلام- تلك الليلة بفراش رسول الله ، واستطاع الرسول -صلى الله عليه سلم- من الخروج من الدار ومن مكة ، وفي الصباح تفاجأ المشركون بعلي في فراش الرسول الكريم وأقام علي –عليه السلام- بمكة ثلاث ليال وأيامها حتى أدى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الودائع التي كانت عنده للناس ، حتى إذا فرغ منها لحق برسول الله في قباء
أبو تراب
دخل علي على فاطمة –عليهما السلام- ، ثم خرج فاضطجع في المسجد ، فقال النبي -صلى الله عليه واله وسلم-
أين ابن عمك ) قالت
في المسجد ) فخرج إليه فوجد رداءه قد سقط عن ظهره ، وخلص التراب إلى ظهره ، فجعل يمسح التراب عن ظهره فيقول
اجلس يا أبا تراب ) مرتين
يوم خيبر
في غزوة خيبـر قال الرسـول -صلى اللـه عليه واله و سلم-
لأُعْطينّ الرايةَ غداً رجلاً يحب الله ورسوله ، ويُحبه الله ورسوله ، يفتح الله عليه ، أو على يديه ) فكان عليه السلام هو المُعْطَى وفُتِحَت على يديه
خلافته
لما استشهد عثمان -عليه السلام- سنة ( 35 هـ ) بايعه الصحابة والمهاجرين و الأنصار وأصبح رابع الخلفاء الراشدين ، يعمل جاهدا على توحيد كلمة المسلمين وأطفاء نار الفتنة ، وعزل الولاة الذين كانوا مصدر الشكوى
ذهبت السيدة عائشة زوجة الرسول -صلى الله عليه واله و سلم- , - الى مكة المكرمة لتأدية العمرة في شهر محرم عام 36 هجري ، ولما فرغت من ذلك عادت إلى المدينة ، وفي الطريق علمت باستشهاد عثمان واختيار علي بن أبي طالب خليفة للمسلمين ، فعادت ثانية إلى مكة حيث لحق بها طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وطالب الثلاثة الخليفة بتوقيع القصاص على الذين شاركوا في الخروج على الخليفة عثمان -عليه السلام- ، وكان من رأي الخليفة الجديد عدم التسرع في ذلك ، والانتظار حتى تهدأ نفوس المسلمين ،وتستقر الأوضاع في الدولة ألإسلامية ، غير أنهم لم يوافقوا على ذلك واستقر رأيهم على التوجه إلى البصرة ، فساروا إليها مع أتباعهم
معركة الجمل
خرج الخليفة من المدينة المنورة على رأس قوة من المسلمين على أمل أن يدرك السيدة عائشة -عليه السلاما- ، ويعيدها ومن معها الى مكة المكرمة ، ولكنه لم يلحق بهم ، فعسكر بقواته في ( ذي قار ) قرب البصرة ، وجرت محاولات للتفاهم بين الطرفين ولكن الأمر لم يتم ، ونشب القتال بينهم وبذلك بدأت موقعة الجمل في شهر جمادي الآخرة عام 36 هجري ، وسميت بذلك نسبة الى الجمل الذي كانت تركبه السيدة عائشة -عليه السلاما- خلال الموقعة ، التي انتهت بانتصار قوات الخليفة ، وقد أحسن علي –عليه السلام- استقبال السيدة عائشة وأعادها الى المدينة المنورة معززة مكرمة ، بعد أن جهزها بكل ما تحتاج إليه ، ثم توجه بعد ذلك الى الكوفة في العراق ، واستقر بها ، وبذلك أصبحت عاصمة الدولة الإسلامية
مواجهة معاوية
قرر علي بن أبي طالب –عليه السلام- ( بعد توليه الخلافة ) عزل معاوية بن أبي سفيان عن ولاية الشام ، غير أن معاوية رفض ذلك ، كما امتنع عن مبايعته بالخلافة ، وطالب بتسليم قتلة عثمان -عليه السلام- ليقوم معاوية بإقامة الحد عليهم ، فأرسل الخليفة الى أهل الشام يدعوهم الى مبايعته ، وحقن دماء المسلمين ، ولكنهم رفضوا فقرر المسير بقواته اليهم وحملهم على الطاعة ، وعدم الخروج على جماعة المسلمين ، والتقت قوات الطرفين عند ( صفين ) بالقرب من الضفة الغربية لنهر الفرات ، وبدأ بينهما القتال يوم الأربعاء (1 صفر عام 37 هجري )
وحينما رأى معاوية أن تطور القتال يسير لصالح علي وجنده ، أمر جيشه فرفعوا المصاحف على ألسنة الرماح ، وقد أدرك الخليفة خدعتهم وحذر جنوده منها وأمرهم بالاستمرار في القتال ، لكن فريقا من رجاله ، اضطروه للموافقة على وقف القتال وقبول التحكيم ، بينما رفضه فريق آخر وفي رمضان عام 37 هجري اجتمع عمر بن العاص ممثلا عن معاوية وأهل الشام ، وأبو موسى الأشعري عن علي وأهل العراق ، واتفقا على أن يتدارسا الأمر ويعودا للاجتماع في شهر رمضان من نفس العام ، وعادت قوات الطرفين الى دمشق والكوفة ، فلما حان الموعد المتفق عليه اجتمعا ثانية ، وكانت نتيجة التحكيم لصالح معاوية
الخوارج
أعلن فريق من جند علي رفضهم للتحكيم بعد أن اجبروا عليا –عليه السلام- على قبوله ، وخرجوا على طاعته ، فعرفوا لذلك باسم الخوارج ، وكان عددهم آنذاك حوالي اثني عشر ألفا ، حاربهم الخليفة وهزمهم في معركة (النهروان) عام 38 هجري ، وقضى على معظمهم ، ولكن تمكن بعضهم من النجاة والهرب وأصبحوا منذ ذلك الحين مصدر كثير من القلاقل في الدولة الإسلامية
استشهاده
لم يسلم الخليفة من شر هؤلاء الخوارج إذ اتفقوا فيما بينهم على قتل علي ومعاوية وعمرو بن العاص في ليلة واحدة ، ظنا منهم أن ذلك يحسم الخلاف ويوحد كلمة المسلمين على خليفة جديد ترتضيه كل الأمة ، وحددوا لذلك ثلاثة من بينهم لتنفيذ ما اتفقوا عليه ، ونجح عبد الرحمن بن ملجم فيما كلف به ، إذ تمكن من طعن علي –عليه السلام- بالسيف وهو خارج لصلاة الفجر من يوم الجمعة الثامن عشر من رمضان عام أربعين هجرية بينما أخفق الآخران ، وعندما هجم المسلمون على ابن ملجم ليقتلوه نهاهم علي قائلا
إن أعش فأنا أولى بدمه قصاصا أو عفوا ، وان مت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين ، ولا تقتلوا بي سواه ، إن الله لا يحب المعتدين ) وحينما طلبوا منه أن يستخلف عليهم وهو في لحظاته الأخيرة قال لهم
لا آمركم ولا أنهاكم ، أنتم بأموركم أبصر ) واختلف في مكان قبره وباستشهاده –عليه السلام- انتهى عهد الخلفاء الراشدين